.

.

.

.

17‏/5‏/2017

أبو القاسم الشابي (شاعر الخضراء)


أبو القاسم الشابي الملقب بشاعر الخضراء (24 فبراير 1909 - 9 أكتوبر 1934م) شاعر تونسي من العصر الحديث ولد في قرية الشابية في ولاية توزر.
  نشأ أبو القاسم الشابي في بيئة صالحة طيبة،  كان والده الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والعمل والمنزل، ومات وأبو القاسم في الحادية عشر من عمره، وكان الشابي مريضاً مصاباً بالقلب منذ نشأته ، قضى الشابي حياته في معاناةٍ بين المرض  وفقده لأحبابه ( والده وحبيبته) قكانت حياته متخمة بالصدمات والهموم والأحزان، وساهمت حالته النفسية في تشكيله كشاعر مرهف الحس عميق الفكرة بعيد النظر.
  توفي أبو القاسم الشابي في التاسع من أكتوبر من عام 1934 وهو في 25 من عمره، وترك لنا إرثاً أدبياً وشعرياُ رائعاً، وتعد كلماته نبراساً وملهماً لكثير من أبناء وطنه والوطن العربي ، واستطاع أن يؤكد أن التاريخ لايفتح أبواب المجد إلا لمن حفر بصمته على جداره .
ويذكره الشاعر العراقي المعروف فالح الحجية في كتابه شعراء النهضة العربية فيقول فيه: (فهو شاعر وجداني وهو برغم صغر سنه شاعر مجيد مكثر يمتاز شعره بالرومانسية فهو صاحب لفظة سهلة قريبة من القلوب وعبارة بلاغية رائعة يصوغها بأسلوب أو قالب شعري جميل فهو بطبيعته يرنو إلى النفس الإنسانية وخوالجها الفياضة من خلال توسيعه لدائرة الشعر وتوليد ومسايرة نفسيته الشبابية في شعر جميل وابتكار أفضل للمواضيع المختلفة بحيث جاءت قصيدته ناضجة مؤثرة في النفس خارجة من قلب معني بها ملهما إياها كل معاني التأثر النفسي بما حوله من حالة طبيعية مستنتجا النزعة الإنسانية العالية لذا جاء شعره متأثرا بالعالمين النفسي والخارجي).


من أجمل قصائده (نشيد الجبار)

سَـأعـيـشُ رَغْـــمَ الـــدَّاءِ والأَعْـــداءِ ----- كـالـنِّسْر فــوقَ الـقِـمَّة ِ الـشَّـمَّاءِ
أَرْنــو إِلَــى الـشَّـمْسِ الـمـضِيئّة ِ..،هـازِئاً ----- بـالسُّحْبِ، والأمـطارِ، والأَنـواءِ
لا أرمــقُ الـظـلَّ الـكـئيبَ..، ولا أَرى ----- مــا فــي قــرار الـهَوّة ِ الـسوداءِ...
وأسـيـرُ فــي دُنـيـا الـمـشاعِر، حَـالماَ، ----- غـرِداً- وتـلكَ سـعادة ُ الـشعراءِ
أُصـغِي لـموسيقى الـحياة ِ، وَوَحْـيها ----- وأذيـبُ روحَ الـكونِ فـي إنْـشائي
وأُصِــيـخُ لـلـصّـوتِ الإلــهـيِّ، الَّـــذي ----- يُـحـيـي بـقـلـبي مَـيِّـتَ الأصْــداءِ
وأقـــول لـلـقَـدَرِ الـــذي لا يَـنْـثـني ----- عـــن حـــرب آمــالـي بـكـل بــلاءِ:
"-لا يـطفىء اللهبَ الـمؤجَّجَ فـي دَمـي ----- موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ
فـاهـدمْ فـؤادي مـا اسـتطعتَ، فـإنَّهُ ----- سـيكون مـثلَ الـصَّخْرة الـصَّمَّاءِ
لا يــعـرفُ الـشـكْـوى الـذَّلـيلة َ والـبُـكا، ----- وضَـراعَـة َ الأَطْـفـالِ والـضُّـعَفَاء
ويـعـيشُ جـبَّـارا، يـحـدِّق دائـمـاً ----- بـالـفَجْرِ..، بـالـفجرِ الـجـميلِ، الـنَّـائي
وامــلأْ طـريـقي بـالـمخاوفِ، والـدّجـى ----- ، وزَوابــعِ الاَشْــواكِ، والـحَـصْباءِ
وانـشُـرْ عـلـيْهِ الـرُّعْبَ، وانـثُرْ فَـوْقَهُ ----- رُجُـمَ الـرّدى ، وصـواعِقَ الـبأساءِ
سَــأَظـلُّ أمــشـي رغْـــمَ ذلــك، ----- عـازفـاً قـيـثارتي، مـتـرنِّما بـغـنائي
أمــشــي بــــروحٍ حــالــمٍ، مــتَـوَهِّـجٍ ----- فـــي ظُـلـمـة ِ الآلامِ والأدواءِ
الـنّور فـي قـلبِي وبـينَ جـوانحي ----- فَـعَلامَ أخـشى السَّيرَ في الظلماءِ
إنّـــي أنــا الـنّـايُ الــذي لا تـنـتهي ----- أنـغـامُهُ، مــا دامَ فــي الأحـيـاءِ
وأنـــا الـخِـضَـمُّ الــرحْـبُ، لـيـس ----- تـزيـدُهُ إلا حـيـاة ً سَـطْـوة ُ الأنــواءِ
أمَّــا إذا خـمـدَتْ حَـياتي، وانْـقَضَى ----- عُـمُري، وأخـرسَتِ الـمنيَّة ُ نـائي»
وخـبا لـهيبُ الـكون فـي قـلبي الذي ----- قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
فــأنــا الـسَّـعـيـدُ بـأنـنـي مُـتَـحـوِّلٌ ----- عَـــنْ عَــالـمِ الآثـــامِ، والـبـغـضاءِ»
«لأذوبَ فــي فـجـر الـجـمال الـسـرمديِّ ----- وأَرْتــوي مـنْ مَـنْهَلِ الأَضْـواءِ"
وأقـــولُ لـلـجَـمْعِ الــذيـنَ تـجـشَّـموا ----- هَــدْمـي وودُّوا لـــو يـخـرُّ بـنـائي
ورأوْا عـلـى الأشــواك ظـلِّـيَ ----- هـامِـداً فـتـخيّلوا أنِّــي قَـضَـيْتُ ذَمـائـي
وغــدوْا يَـشُـبُّون الـلَّـهيبَ بـكـلِّ ----- مــا وجـدوا..، لـيشوُوا فـوقَهُ أشـلائي
ومـضُـوْا يـمـدُّونَ الـخـوانَ، لـيـأكُلوا ----- لـحـمي، ويـرتـشفوا عـلـيه دِمـائي
إنّـي أقـول لَـهُمْ ووجـهي مُـشْرقٌ ----- وَعـلى شِـفاهي بَـسْمة اسْتِهزاءِ-:
"إنَّ الــمـعـاوِلَ لا تــهـدُّ مَـنـاكِـبي ----- والــنَّـارَ لا تَــأتـي عَــلَـى أعْـضـائـي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، ----- والعبوا يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
وإذا تــمـرّدتِ الـعَـواصـفُ، ----- وانـتـشى بـالـهول قَـلْـبُ الـقـبّة ِ الـزَّرقـاءِ
ورأيـتـمـوني طــائـراً، مـتـرنِّـماً ----- فـــوقَ الـزّوابـعِ، فــي الـفَـضاءِ الـنـائي
فـارموا عـلى ظـلّي الـحجارة َ، ----- واخـتفوا خَـوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..
وهُــنـاك، فـــي أمْــنِ الـبُـيوتِ،تَطارَحُوا ----- عــثَّ الـحـديثِ، ومـيِّـتَ الآراءِ
«وتـرنَّـمـوا مـــا شـئـتـمُ بِـشَـتَـائمي ----- وتـجـاهَرُوا مــا شـئـتمُ بِـعـدائي
أمــا أنــا فـأجـيبكم مــن فـوقِكم ----- والـشمسُ والـشفقُ الـجميلُ إزائـي:
مَــنْ جــاشَ بِـالـوَحْيِ الـمـقدَّسِ قـلـبُه ----- لــم يـحـتفِلْ بـحجارَة ِ الـفلتاء


من أقوال الشابي:

"هل يأتي ذلك اليوم الذي تعانق فيه أحلامي قلوب البشر، فترتل أغاني أرواح القلوب المستيقظة، وتدرك حنين قلبي وأشواقه آمنة مفكرة سيخلقها المستقبل البعيد؟“


                      إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر
                          ولا بد لليل أن ينجلي... ولا بد للقيد أن ينكسر
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق