.

.

.

.

14‏/5‏/2017

سعيد يعقوب ... عيناك يا قدس


خـمْسونَ مـرَّتْ وجُـرْحُ القُدْسِ ما ضُمِدا //لَا الجَفْنُ جفَّ ولا دمْعُ الأسى نَفَدا
خـمْـسونَ .. والـلـيلُ تـغْـشانا كـوَارثُهُ // ولا تَـرى الـقُدْسُ لَا ذُخْـرًا وَلا سَـنَدا
خـمْـسونَ لَا نـجْـمَ يـهْـدِينا الـضِّـياءُ بِـهِ // ومـا وفَـى وَاعِـدٌ لِـلْقُدْسِ مـا وَعَـدا
ونـحْنُ فـي وسَـطِ الـصَّحْراءِ قَـافلَةٌ // ضـلَّتْ فـضَاعَتْ وكـمْ تسْعَى بِغَيْرِ هُدَى
يَــبْــدو الــسَّـرابُ لَــهـا مَـــاءً فَـتَـتْـبَعُهُ // فَـلَـيْـسَ تَـــزْدادُ إِلَّا غُــلَّـةً وصَـــدى
تسيرُ فوْقَ الحصى وَالشَّوْكِ حافيَةً // وليسَ خلْفَ المَدى المجْهُولِ غيْرُ مَدى
مــا عــادَ يُـسْـعفُها صـبْـرٌ ولا جَـلَـدٌ // قــدْ ضـيَّـعَ الـهَوْلُ مِـنْها الـصَّبْرَ والـجَلَدا
وأطْـبـقَتْ حـوْلَـها الأعْــداءُ ،لا جِـهَـةٌ // إِلَّا لَـهُـمْ وضَـعُـوا مِــنْ فَـوْقِـها رَصَــدا
كـيـفَ الـنَّـجاةُ ووجْـهُ الـرَّمْلِ مُـلْتهِبٌ // والأُفْـقُ جـهْمٌ وعـادِيْ الـحادِثاتِ عَـدا
أيــــنَ الـمَـفَـرُّ ولا بُــشْـرىً ولا أَمَـــلٌ // وكُـلَّـمـا لَاحَ فَــجْـرٌ بِـالـدُّجـى وُئِـــدا
وتِــلْـكَ قَـافِـلَـةٌ سَـــارَتْ لِـمَـهْـلِكِها // عَــمَّـا قَــريـبٍ بِـهـا لَــنْ تُـبْـصِرُوا أحَــدا
كُـــلٌّ لِـــرَأْيٍ مِــنَ الآراءِ مُـنْـجَذِبٌ // يَــرى الـحَـقيقَةَ فــي مــا بــاتَ مُـعْـتَقِدا
ومــا هُـنالكَ مِـن شـيْءٍ يـضُرُّ فَـتَىً // مِـثْلُ الـهَوى فـبِهِ يَـهْوِيْ الـذي صَـعَدا
هَــاهُـمْ شـظـايا تـرَامـتْ هَــا هُـنَـا وَهُـنـا // كُــلٌّ بَــرَأْيٍ يَــرَاهُ شَــذَّ وانْـفَـرَدا
فـاعْجَبْ لِأصْـحابِ حَـقٍّ فـي تَـفَرُّقِهمْ // عـنْهُ وخـصْمٍ لـهُمْ فـي الباطِلِ اتَّحَدا
واعْـجَـبْ لِـحَـقٍّ مُـبِـينٍ فِــيْ تَـفَـتُّتِهِ // وَبَـاطِـلٍ وَاهِــنٍ فِـيْ ضَـعْفِهِ احْـتَشَدا
عـرِّجْ عـلى الـقدْسِ نـستنْشِقْ نـوافحَها // نـهْدِي الـتّحِيَّةَ للْأسْرى وَلِلشُّهَدا
فـإنَّـهُـمْ وَحْــدَهُـمْ أقــمـارُ أمَّـتِـنـا // الـطَّـالِـعُونَ بِــهَـا عِــطْـرَا وفَــيْـضَ نَـــدى
الـبـاسِـمُـونَ ولَــيْــلُ الــــذُّلِّ مُـعْـتَـكِـرٌ // والـثَّـابِـتُـونَ إِذا مَـــوْجُ الأَذَى وَفَـــدا
وتِـلْكَ بُـوصَلَةٌ مـا ضَـلَّ صـاحِبُها // ومـا غَـوَى مَـنْ عَـلَيْها فـي الدُّجَى اعْتَمدا
يـا قُـدْسُ عـنْكِ عـيونُ الـقلْبِ مـا غفِلَتْ // ونَبْضُ رُوحِيَ عن عيْنيْكِ ما ابْتَعَدا
إِنْ قـلْـتُ شـعْـرًا فـمِنْ عـيْنيْكِ أقْـبُسُهُ // لـوْلاكَ مـا رفَّ لـيْ شـعْرٌ ولا وُجِـدا
هــذِيْ الـبـلِادُ لـنـا رغْــمَ الـذِيـنَ أتَــوْا // لـهَـا طـرَائِـقَ فِــيْ أَنْـسَـابِهِمْ قِـدَدا
هــذيْ الـبـلادُ لـنـا ،والأرْضُ مــا وُلِــدتْ // مِــن قـبْلِها ،وبـها الـتَّارِيخُ قَـدْ وُلِـدا
ولا تَــنَـازُلَ عَـــنْ شِــبْـرٍ بِـجَـنَّـتِها // ولا نَـــرى مِـثْـلَـها فِـــي طُـهْـرِهـا بَــلَـدا
والـقـدْسُ عـاصِـمَةُ الـدُّنْـيا ولـيْـسَ سِـوَى // لِـكَفِّها بـيْرَقُ الأمْـجادِ قَـدْ عُـقِدا
لا تـطْـلُبِ الـمـجْدَ أقــوْالًا تـفُـوهُ بـها // مـا الـمجْدُ إِلَّا لـمَنْ فـي فِـعْلِهِ حُـمِدا
مـا الـمجْدُ إِلَّا لأسْـرى فـي الـسُّجونِ ومَـنْ // رأَى الـمنايا فما ولَّى ولَا شَرَدا
مـا الـفَخْرُ إِلَّا لِـمَن ضـحَّى بـمُهجتِهِ // وأنْـفَقَ الـعُمْرَ فـي سـاح ِالـنِّضالِ فِدى
مـــا كــانَ يـوْمًـا لِـخَـوَّارٍ وذِيْ سَـفَـهٍ // وَلا لِـمَـن فِــي مَـواخِـيرِ الـخَـنَا قَـعَـدا
إِنْ يُـخْـمِدُوا فــي رُبــا الأقْـصى مـآذِنَهُ // فـجَمْرُ عِـزَّتِنا فـي الـصَّدْرِ مـا خَـمَدا
مــا زالَ إيـمـانُنا فــي الـقـلْبِ مُـشْـتِعلًا // مــا زالَ إصْـرارُنا فـي الـرُّوحِ مُـتَّقِدا
مـا زالَ فـي الـقُدْسِ لـلفاروق وهْـجُ سـنًا // يـجْلُو الـغَشَاوةَ والـظَّلْماءَ والرَّمَدا
مـا زالَ صـوْتُ صـلاحِ الـدِّينِ يُـرْعِدُ فِـيْ // كُـلِّ الـجِهاتِ لَهُ في صمْتِهِنَّ صَدى
سَـنابِكُ الـخَيْلِ فَـوْقَ الـصَّخرِ قـادِحةٌ // نـارًا عَـلَيها بـدا ليْ في الظَّلامِ هُدى
يــا سـيِّـديْ يــا صــلاحَ الـدِّينِ بـيْ ظـمَأٌ // دعْـنِيْ أُقَـبِّلْ جـبينًا شـامِخًا ويَـدا
دعْـنـي إلـيـكَ أبُــثَّ الـهَمَّ مِـنْ كَـبِدٍ // حَـرَّى فَـحُزْنِيْ وَهَـمِّي أحْـرقَ الـكَبِدا
هــذا زمــانٌ بِــهِ الأنْــذالُ قــدْ غَــدَرُوا // بِـنـا وضــاعَ لَـهُـمْ مِـنا الـوَفاءُ سُـدى
تـجـارةُ الـكِـذْبِ فـيهِ جِـدُّ رائِـجَةٍ // والـصِّدْقُ فـيهِ بـسُوقِ الـصِّدْقِ قـدْ كَـسَدا
كـم فـيهِ يـهْذيْ أخُـو جـهْلٍ رُويـبِضَةٌ // عـلى الـنِّفَاقِ وسُـوءِ الـطَّبْعِ قـدْ مَـرَدا
يَـــا سَــيِّـديْ يــا صــلاحَ الـدِّيـنِ مَـعْـذِرَةً // مِـنَّـا إِلَـيْـكَ إذامــا جـاحِـدٌ جَـحَـدا
ومـــا نــخـافُ عَـــدُوًّا نــحْـنُ نَـعْـرفُـهُ // فــكَـمْ هَـزَمْـنـا خُـصُـوما قَـبْـلَهُ وَعِــدا
لــكِـنْ نــخـافُ عـــدُوًّا بــيْـنَ أظْـهُـرِنـا // مـــا كـــانَ إلِاَّ عَـلَـيْـنا لِـلْـعِـدا مَــدَدا
يــا أمَّــةً شَـقِـيتْ مِــنْ طُــولِ فُـرْقَـتِها // أَعْـدَاؤُهـا جَـرَّعُـوها الــذُّلَّ والـكَـمَدا
قُـومِـيْ انـظُـرِيْ لـلـذيْ عــاداكِ مُـتَّحِدًا // مـتى أرَى شَـمْلَكِ الـمنْثُورَ مُـتَّحِدا
لا يــأْكـلُ الـذِّئْـبُ إلِاَّ كــلَّ قـاصـيَةٍ // مِــنَ الـشِّـيَاهِ ومَــنْ عــن سِـرْبِـهِ بَـعُـدا
كـلُّ الـشُّعوبِ إلـى أمْـجادِها نـهَضَتْ // مـا بـالُ جَفْنِكِ في عُمْقِ الكَرَى رَقَدا
هــذي الـبِـلادُ لـنـا رُوحٌ نَـعِـيشُ بِــهِ // وإِنَّـمـا الـرُّوحُ مَـنْ يُـحْيِيْ لَـنا الـجَسَدا
قالُوا الصِّغَارُ غدًا ينْسونَ إِنْ كبِرُوا// أمَّا الكبارُ فيُطْوَوْا بالمماتِ غَدا لـكِنَّهُمْ وَهِـمُوا فـي زعْـمِ زاعِمِهمْ // كَمْ والِدٍ بِهَوَاها أَرْضَعَ الوَلَدا
ولنَ نَخُونَ لها عَهْدًا نُقَدِّسُهُ // ولَنْ نَكُونَ سِوَى مَا نَشْتَهِيْ أبَدا
.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق