.

.

.

.

19‏/1‏/2016

جعفر الخطاط / وَهَبتُ عُمريَ للوَطنِ


مُذ كُنتُ طفلاً رَحَى الأيامِ تُطعمني ..
مِنْ حِنطةِ الموتِ خُبزاً أسمهُ ( وَطني ) ..

وَ أرضَعَتني نهودُ النخلِ مِن دَمِها ..
حَتّى مَضغتُ رَحيقَ الموتِ باللبنِ ..


وَ قَمَّطتني مَنايا الدَهرِ مِن سَعَفٍ ..
وَ خَبَّأتْ مِن قَماطِ المَهدِ في كَفني ..

ألوكُ بالموتِ حَتّى ذقتُ أصْعَبَهُ ..
وَ ما شَبِعتُ لِهذا اليومِ مِنْ مِحَني ..

فَصِرتُ وَ الموتُ نَحبو في طفولَتِنا ..
وَ صِرتُ ألهو و يَلهو الموتُ في زَمني ..

أنامُ وَ الرُعبُ يَغفو في مُخيلتي ..
وَ صوتُ بارودِ تلكَ الحربِ في أذُني ..

فَيَستَطيبُ مَنامي في سَواتِرهـــا ..
وَ ما سَلوتُ طيوفَ الحَربِ عَن وَسني ..

حَلمتُ يَوماً كأنّي بينَ مَدرَستي ..
لكنَّها قبلَ هذا الحلمِ لَمْ تَكُـــنِ ..

أسماءُ صَفّي بِحبرِ الموتِ أقرَؤها ..
فَهُم مَضوا قبلَ هذا الطيفِ للكَفنِ ..

ذا دونَ رَأسٍ كأنّي في مَقابِرِهِم ..
ذا ماتَ سِرَّاً ، وَ ذي ماتتْ على علنِ ..

وَ صِرتُ أنجَحُ عامَاً بَعدَ سَابِقِهِ ..
وَ كمْ تَمنّيتُ أن أمضي الى السِنَنِ ..

فَكفُّ أمّيَ مَلّتْ مِنْ مُوَادَعتي ..
وَ صوتُ زَغرودةِ التَوديعِ أتعَبَني ..

وَ تِلكَ أختيَ قَدْ حَلّتْ ضَفَائِرَها ..
وَ وَالدي كفْكَفَ العينينِ مِنْ وَهنِ ..

وَ ثوبُ عرسِ فَتاتي كانَ مَطْلَبُهُ ..
أن أوهبَ الروحَ يا لَهفي على الثَمنِ ..

وَ جرفُ دجلةَ قد أرخى مَراكِبَهُ ..
وَ أوهمَ النَورسَ المجروحَ مِنْ حَزَني ..

وَ صِرتُ أطلب مَوتاً ليتَ يَأخذني ..
وَ كمْ تَمنّيتُ أن أغفو على كفَني ..

تَقبَّلوني شَهيداً صحتُ في حُلمي ..
وَ دّوّنوا حَرفيَ المَملوءَ بالشَجنِ ..

وَ في مَسافةِ قَبْــرٍ رُحتُ أكتُبُها ..
( وَهَبتُ عُمريَ بينَ الحلمِ للوَطنِ )..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق