مِنْ أَيْنَ تَبْدَأُ مِنْ أَيِّ الجِرَاحَاتِ // وَكُلُ مَا فِيكَ أَهْلٌ لِلْبِدَايَاتِ
مِنْ أَيْنَ لَا أَيْنَ قُلْ مَا شِئْتَ عَنْ كَبِدٍ // تُشْوَى عَلَى نَارِ خَيْبَاتٍ وَخَيْبَاتِ
حَدِّثْ عَنِ الأَمَلِ المَذْبُوحِ فِيْ مُقَلٍ // أَسْهِبْ وَأَطْنِبْ عَنِ المَاضِيْ أَوِ الآتي
وَبُحْ بِمَا لَمْ تَبُحْ عَنْ مِثْلِهِ شَفَةٌ // وَافَضْحَ ْسَرَائِرَ عُبَّادِ المَلَذَّاتِ
البَائِعِينَ إِلَى الأَعْدَاءِ ذِمَّتَهُمْ // بِحَفْنَةٍ مِنْ دَنَانِيرٍ وَلَيْرَاتِ
المُنْتَشِينَ بِكَأْسٍ مِنْ غَوَايَتِهِمْ // العَابِثِينَ بِأَقْدَاسِ القَدَاسَاتِ
الغَافِلِينَ عَنِ الأَقْصَى وَسَاحَتِهِ // وَالذَّاهِبِينَ إِلَى أَقْصَى الخِيَانَاتِ
التَّارِكِيهِ لِصَهْيُونٍ تَعِيثُ بِهِ // قُطْعَانُهَا وَلَأَرْجَاسِ العِصَابَاتِ
اللهَ يَا أُمَّةً أَحْوَالُهَا عَجَبٌ // مَا مَرَّ مَا مَرَّ فِيهَا فِيْ الخَيَالَاتِ
مَنْ ذَا يُصَدِّقُ مَا أُلْنَا إِلَيْهِ وَمَا // بِتْنَا نُعَانِيهِ مِنْ هَذِيْ المَهَانَاتِ
حَتَّى وَصَلْنَا لِحَالٍ جِدِّ مُزْرِيَِة ٍ// تَأْبَى القَبُولَ بِهَا أَدْنَى النُّفَايَاتِ
أَلِلْيَهُودِ أَحَطِ الخَلْقِ مَنْزِلَةً // نَرْضَى الرُّضُوخَ فَيَا هَوْلَ المَذَلَّاتِ
وَحَقُّنَا وَاضِحٌ كَالشَّمْسِ فِيْ يَدِنَا // هَلْ نَتْرُكُ الحَقَّ يُعْطَى لِلْحُثَالَاتِ
وَهَذِهِ أَرْضُنَا لَا شِبْرَ نَتْرُكُهُ // فِيهَا يُدَنَّسُ مِنْ أَهْلِ القَذَارَاتِ
وَلَنْ نُقِرَّ لَهُمْ حَقًّا بِهَا أَبَدًا // بِرَغْمِ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ جِنَايَاتِ
وَلَنْ نَذِلَّ لَهُمْ مَهْمَا بِنَا فَعَلُوا // وَمَا وَجَدْنَاهُ مِنْ طُولِ المُعَانَاةِ
بَغْدَادُ يَا وَجَعِيْ يَا دَمْعَ قَافِيَتِيْ // وَيَا أَنِينَ المَعَالِيْ وَالمُرُوءَاتِ
يُدْمِيْ فُؤَادِيْ الذِيْ تَلْقِينَ مِنْ نُوَبٍ // وَمَا يُصِيبُكِ مِنْ غَدْرِ القَرَابَاتِ
قَدْ أَسْلَمُوكِ بِلَيْلٍ مَا بِهِ قَمَرٌ // إِلَى المَجُوسِ وَأَرْبَابِ النَّجَاسَاتِ
مَاذَا أُحَدِّثُ عَنْ تِلْكَ الحِكَايَاتِ // إِنِّيْ أَغَصُّ بِتَفْصِيلِ الحِكَايَاتِ
كَأَنَّ هَارُونَ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا زَمَنًا // وَلَا لِمُعْتَصِمٍ أَصْدَاءُ صَيْحَاتِ
وَلَمْ تَرِفَّ بِهَا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى // هَامِ السُّهَا وَالثُّرَيَا بَعْضُ رَايَاتِ
أَمَّا دِمَشْقُ فَلَمْ تُذْكَر عَلَى أُذُنِيْ // إِلَّا وَسَالَ لَهَا جَفْنِيْ بِجَمْرَاتِ
وَلَا تَذَكَّرْتُ بَعْضًا مِنْ مَهَابَتِهَا // إِلَّا وَثَارَتْ مِنَ الأَعْمَاقِ أَنَّاتي
وَلَا جَرَى ذِكْرُهَا يَوْمًا عَلَى شَفَتِيْ // إِلَّا وَأُتْبِعُ طِيبَ الذِّكْرِ آهَاتي
هَذِيْ دِمَشْقُ أَعَزُّ الأَرْضِ مُنْتَسَبًا // رَمْزُ الرُقِيِّ وَعُنْوَانُ الحَضَارَاتِ
كَيْفَ اسْتَبَاحَ حِمَاهَا مَنْ بِهَا مَرَدُوا // عَلَى النِّفَاقِ وَأَصْحَابُ الحَمَاقَاتِ
أَتَوْا بِأَرِضِ مَضَايَا كُلَّ مُخْزِيَةٍ // لَمْ يَجْرِ هَذَا بِعُرْفٍ أَوْ بِعَادَاتِ
وَمَنْ يُحَاصِرُ دَيْرَ الزُّورِ مِنْ زَمَنٍ // وَيُهْلِكُ النَّاسَ مِنْ طُولِ المَجَاعَاتِ
كَأَنَّ خَيْلَ بَنِيْ مَرْوَانَ مَا صَهَلَتْ // فَيهَا وَضَمَّخَتِ الدُّنْيَا بِصَوْلَاتِ
وَلَا سَنَابِكُهَا جَالَتْ بِأَنْدَلُسٍ // وَلَا لَنَا أَخَذَتْ يَوْمًا بِثَارَاتِ
وَلِيْ عَلَى يَمَنِيْ عَيْنٌ مُسَهَّدَةٌ// لَمَّا عَلَيْهَا بَغَى أَهْلُ السَّفَاهَاتِ
مَنْ دَمَّرُوهَا بِلَا دَاعٍ وَلَا سَبَبٍ // سِوَى الذِيْ كَانَ مِنْ عُهْرِ القِيَادَاتِ
مَنْ قَبَّلُوا قَدَمًا لِلْفُرْسِ وَانْغَمَسُوا // فِيْ صَفِّ كُلِّ غَرِيبِ الوَجْهِ وَالذَّاتِ
حَدِّثْ عَنِ اليَمَنِ المَنْكُوبِ مِنْ فِئَةٍ // ضَلَّتْ وَمَا سَلَكَتْ دَرْبًا لِمَنْجَاةِ
وَتِلْكَ أَرْضٌ لَهَا حُبٌّ وَمَنْزِلَةٌ // بِخَافِقِيْ وَلَهَا أَزْكَى تَحِيَّاتي
أَصْلُ العُرُوبَةِ فيها كُلُّ مَكْرُمَةٍ // يَا لَلْبِدَايَاتِ مِنْ سُوءِ النِّهَايَاتِ
أَمَّا بِلِيبيا فَمَا الأَحْوَالُ خَافِيَةٌ // أَخْبَارُهَا لَيْسَ أَخْبَارًا خَفِيَّاتِ
فَإِنَّهَا تُلْهِبُ الأَحْشَاءَ مِنْ أَلَمٍ // وَقَدْ أَضَرَّ بِهَا فَرْطُ الخِلَافَاتِ
حَتَّى غَدَتْ نَهْبَ تُجَّارٍ وَشِرْذِمَةٍ // يُتَاجِرُونَ بِهَا شَرَّ التِّجَارَاتِ
كَأَنَّمَا عُمَرُ المُخْتَارُ لَيْسَ لَهُ// عَلَى جَوَانِبهَا أَسْمَى البُطُولَاتِ
وَلَمْ يُقَاوِمْ بِهَا الطِّلْيَانَ فِيْ نَفَرٍ // مِنَ الكِرَامِ وَلَمْ يَجْنَحْ لِإنْصَاتِ
لَكِنَّهُ هَبَّ مِثْلَ المَوْجِ مُنْدَفِعًا // فَحَلَّ مُسْتَشْهِدًا أَعْلَى المَقَامَاتِ
أَمَّا بِمِصْرَ فَمَا يَخْفَى عَلَى بَصَرٍ // مَا حَلَّ فِيْ مِصْرَ مِنْ غَدْرِ الزَّعَامَاتِ
حَدِّثْ عَنِ النِّيلِ إِذْ تَجْرِيْ مَدَامِعُهُ // وَمَا يُعَانِيهِ مِنْ ظُلْمٍ وَمَأْسَاةِ
هَذِيْ جِرَاحِيْ التِيْ فِيْ الصَّدْرِ أَكْتُمُهَا // وَتَرْجَمَتْهَا بِهَذَا الشِّعْرِ أَبْيَاتي
عَلِّيْ أُخَفِّفُ مِنْ هَمِّيْ وَمِنْ شَجَنِيْ // وَمَا أُقَاسِيهِ مِنْ بَرْحِ المُقَاسَاةِ
لَكِنَّنِيْ رَغْمَ مَا أَلْقَاهُ مِنْ كُرَبٍ // وَمَا أُكَابِدُ مِنْ يَأْسِيْ وَعِلَّاتي
لَا زَالَ عِنْدِيْ مِنَ الآمَالِ كُلُّ سَنًا // يُنِيرُ دَرْبِيْ وَيَهْدِيْ سَيْرَ خُطْوَاتي
لَا بُدَّ يُسْفِرُ هَذَا الَّليْلُ عَنْ فَلَقٍ // مَهْمَا يَطُلْ إِنَّ فَجْرِيْ قَادِمٌ آتِ
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق