الَّليْلُ مَرَّ وَعَيْنُ القَلْبِ لَمْ تَنَمِ// وَكَيْفَ يَغْفُو أَخُو هَمٍّ وَذُو أَلَمِ
وَلِلْقُنُوطِ الذِيْ يَأْتِيْ الزَّمَانُ بِهِ // وَلَمْ يَكُنْ حَظُّ مَا وَلَّى سِوَى النَّدَمِ
وَالعُمْرُ بَيْنَهُمَا وَهْمٌ نُطَارِدُهُ// كَأَنَّهُ الطَّيْفُ يَجْرِيْ فِيْ مَدَى حُلُمِ
مَاذَا أَقُولُ لِمَنْ غَالُوا سَنَا شَفَتِيْ // المَاسِكِينَ يَدِيْ وَالسَّافِكِينَ دَمِي
وَمَنْ أَصَمُّوا عَنِ الشَّكْوَى مَسَامِعَهُمْ// كَأنَّنِيْ صَارِخٌ فِيْ مَسْمَعِ الصَّنَمِ
لُوذِيْ بِصَبْرِكِ رَغْمَ الجُرْحِ يَا كَبِدِيْ // وَاصْمِتْ طَوِيلَاً عَنِ التِّبْيَانِ يَا قَلَمي
هَذَا زَمَانٌ قَبِيحٌ لَسْتُ أَعْرِفُهُ // بِلَا مَلَامِحَ مِثْلُ المَوْتِ وَالعَدَمِ
هَذَا زَمَانٌ كَرِيهٌ لَسْتُ أَقْبَلُهُ // وَكُلُّهُ ظُلَمٌ تُفْضِيْ إِلَى ظُلَمِ
البُؤْسُ فِيهِ لِذِيْ عَقْلٍ وَذِيْ أَدَبٍ // وَكُلِّ ذِيْ شَرَفٍ أَوْ كُلِّ ذِيْ كَرَمِ
وَالحَظُّ فِيهِ لِذِيْ عُهْرٍ وَذِيْ دَنَسٍ // وَلِلْمُنَافِقِ وَالكَذَّابِ وَالقَزَمِ
دَعْنِيْ وَحِيدَاً لِأَفْكَارِيْ تُسَامِرُنِيْ // فَوَحْدَتِيْ نِعْمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ
دَعْنِيْ بَعِيدَاً عَنِ الدُّنْيَا وَقَسْوَتِهَا // وَمَا بِهَا مِنْ عَظِيمِ الذَّنْبِ وَالَّلمَمِ
دَعْنِيْ أُنَادِمْ أَحِبَّائِيْ الذِينَ مَضَوْا // أَهْلَ المُرُوءَةِ وَالإِيفَاءِ بِالذِّمَمِ
دَعْنِيْ إِلَى ذِكْرَيَاتِ الأَمْسِ تَصْحَبُنِيْ // مَعَ الفَضِيلَةِ وَالأَخْلَاقِ وَالقِيَمِ
لِلذِّكْرَيَاتِ التِيْ تَشْذُو أَزَاهِرُهَا // وَلِلْأَمَانِيِّ إِذْ تَغْفُو بِرَوْضِ فَمي
إِلَى الصِّبَا وَلَيَالِيهِ التِيْ ذَهَبَتْ // كَأَنَّهُ الطَّيْرُ يَشْدُو أَعْذَبَ النَّغَمِ
أَوْ أَنَّهُ الوَرْدُ يَزْهُو فِيْ خَمِيلَتِهِ // لَمَّا اسْتَجَابَ إِلَى دَاعٍ مِنَ النَّسَمِ
مُكَلَّلٌ بِالنَّدَى فِيْ بُكْرَةٍ فَمَضَى // يَهُزُّ عِطْفَيْهِ مِنْ رَأْسٍ إِلَى قَدَمِ
فَيَا لِمَنْظَرِهِ وَالدَّمْعُ يَمْلَأُ عَيْـ// ـنَيْهِ تَبَدَّى لَنَا فِيْ ثَغْرِ مُبْتَسِمِ
كَأَنَّمَا هُوَ قَلْبِيْ رَغْمَ وَحْشَتِهِ // يُهْدِيْ لِمَنْ حَوْلَهُ مَا رَقَّ مِنْ كَلِمِ
دَعْنِيْ وَشْعِرْي وَأَنَّاتٍ أُصَعِّدُهَا // فَإِنَّمَا الشِّعْرُ يَشْفِينِيْ مِنَ السَّقَمِ
وَمِنْ مَرَارَةِ خَيْبَاتٍ لِأُمَّتِنَا // تِلْكَ التِيْ أَصْبَحَتْ مِنْ أَضْعَفِ الأُمَمِ
هُنَّا فِصِرْنَا أَحَطَّ الخَلْقِ مَنْزِلَةً // مِثْلَ الخِرَافِ بِلَا رَاعٍ وَكَالغَنَمِ
كُلٌّ يُغَنِّيْ عَلَى لَيْلَاهُ مُعْتَقِدَاً // بِأَنَّهُ وَحْدَهُ الخَالِيْ مِنَ التُّهَمِ
وَفِيْ الحَقِيقَةِ كُلٌّ فِيْ عَمَايَتِهِ // يَهْوِيْ وَنَحْسَبُهُ يَرْقَى إِلَى قِمَمِ
يَا أُمَّةً عَبِثَتْ أَيْدِيْ الطُّغَاةِ بِهَا // تَنَبَّهِيْ وَبِحَبْلِ اللهِ فَاعْتَصِمي
كُلٌّ يُعِدُ لَكِ السِّكِينَ مُنْتَظِرَاً // نَصِيبَهُ، مِثْلَ مَنْ يَشْكُو مِنَ القَرَمِ
ألِلْيَهُودِ أَحْطَّ الخَلْقِ مُذْ وُجِدُوا // نَحْنِيْ الجِبَاهَ إِذْنَ وَاضَيْعَةَ الشَّمَمِ
وَنَتْرُكُ المَسْجِدَ الأَقْصَى تَعِيثُ بِهِ // قُطْعَانُهُمْ وَنُخَلِّيْ سَاحَةَ الحَرَمِ
فَأَيْنَ مَا كَانَ مِنْ نُبْلٍ وَمَفْخَرَةٍ // وَأَيْنَ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ وَمِنْ شِيَمِ
وَكَيْفَ نَتْرُكُ أَهْلَ القُدْسِ وَحَدَهُمُ // يَسْتَصْرِخُونَ وَنَشْكُو عِلَّةَ الصَّمَمِ
أَمَا لِهَارُونَ فِينَا غَضْبَةٌ لَهُمُ // أَلَيْسَ مَا بَيْنَنَا سَمْعٌ لِمُعْتَصِمِ
وَكَيْفَ نَتْرُكُ أَهْلَ الشَّامِ فِيْ مِحَنٍ // وَالرُّومُ تُسْلِمُهُمْ ظُلْمَاً إِلَى العَجَمِ
وَكَيْفَ نَرْضَى لِبَغْدَادِ الرَّشِيدِ أَذَىً // وَالفُرْسُ صَالُوا بِهَا كَالصَّقْرِ بِالرَّخَمِ
يَا أُمَّتِيْ وَجِرَاحُ القَلْبِ نَازِفَةٌ // مَتَى تَهُبِّينَ مِنْ نَوْمٍ لِتَنْتَقِمي
.
الشاعر سعيد يعقوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق