.

.

.

.

19‏/3‏/2016

حُورِيَّةٌ .....شعر : سعيد يعقوب


.

مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ مِنْ أَيِّ المَجَرَّاتِ // هَبَطْتِ كَالوَحْيِ لَمْ تَشْعُرْ بِهِ ذَاتي
نَزَلْتِ كَالغَيْثِ إِذْ جَادَ الغَمَامُ بِهِ // فَأَنْبَتَ الزَّهْرَ فِيْ صَحَرَاءِ أَبْيَاتي
وَأَشْرَقَ النُّورُ فِيْ لَيْلٍ بِهِ تَعِبَتْ // خُطَايَ إِذْ لَمْ تَكُنْ تَمْشِيْ لِغَايَاتِ
فَأَيُّ شَمْسٍ تَجَلَّتْ فِيْ دُجَى طُرُقِيْ // تُشِعُّ مِنْكِ وَتَجْرِيْ بِالمَسَرَّاتِ
وَأَيُّ نَهْرٍ بِرَقْرَاقِ الجَمَالِ جَرَى // وَسَالَ مِنْ فَيْضِ أَنْوَارِ السَّمَوَاتِ
كَأَنَّ حُورِيَّةً مِنْ جَنَّةٍ نَزَلَتْ // لِلْأَرْضِ تَحْسَبُهَا مِنْ بَعْضِ جَنَّاتِ
وَدِيعَةَ الوَجْهِ تَكْسُوهُ بَرَاءَتُهُ // كَقَلْبِ شَاعِرَةٍ ثَرِّ الخَيَالَاتِ
مَا كُنْتُ قَبْلَكِ إِلَّا جَمْرَةً خَمَدَتْ // أَيْقَظْتِهَا فَصَحَتْ مِنْ بَيْنِ أَمْوَاتِ
بَعَثْتِ فِيْ الرُّوحِ نَبْضًا وَالعُرُوقِ دَمًا// فَأَزْهَرَتْ بِفَمِيْ أَحْلَى العِبَارَاتِ
فَأَطْلِقِي فِيْ مَدَى الأَحْلَامِ أَجْنِحَتِيْ // حَتَّى أُهَوِّمَ فِيْ دُنْيَا الخَيَالَاتِ
وَحَرِّرِيْ القَلْبَ مِنْ قَيْدٍ يَنُوءُ بِهِ // فَالقَلْبُ كَمْ كَانَ يَلْقَى مِنْ مُعَانَاةِ
مُدِّيْ إِلَيَّ يَدَاً فَالمَوْجُ أَغْرَقَنِيْ // هَلَّا تُلَبِّينَ أَصْدَاءَ اسْتِغَاثَاتي
هَلْ تُنْصِتِينَ لِمَنْ يَشْكُو وَلَا أُذُنٌ // تُصْغِيْ إِلَيْهِ وَلَمْ تُسْعِفْ بِإِنْصَاتِ
إِلَيْكِ وَحْدَكِ مِنْ بَيْنِ النِّسَاءِ هَفَا // قَلْبِيْ وَيُغْوِيْ السَّنَا خَطْوَ الفَرَاشَاتِ
فَإِنْ حُرِقْتُ بِنَارٍ مِنْكِ خَلَّدَنِيْ // مَا فِيكِ رَتَّلْتُ مِنْ عَذْبِ المُنَاجَاةِ
أَسِيرُ عَيْنَيْكِ لَا يَرْجُو الخَلَاصَ وَلَا // يُرِيدُ مِنْ أَسْرِهِ لَوْ بَعْضَ إِفَلَاتِ
وَبَاسِمِ الَّثْغِر يُسْتَهَدَى بِبَسْمَتِهِ// كَالنَّجْمِ لِلرَّكْبِ فِيْ أَرْضِ المَتَاهَاتِ
أَطَلَّ فِيْ مَوْكِبٍ لِلغِيدِ مَا نَظَرَتْ // عَيْنِيْ سِوَى نَحْوِهِ مِنْ بَيْنِ غَادَاتِ
كَأَنَّهُ غُصُنٌ لِلبَانِ حَرَكَّهُ // فَيْضُ الدَّلَالِ وَأَغْرَتْهُ ابْتِسِامَاتي
سَبَى العُقُولَ بِرَقْصٍ مَا رَأَى نَظَرِيْ // مَثِيلَهُ يَتَلَوَّى مِثْلَ حَيَّاتِ
كَأَنَّمَا جِسْمُهُ لَحْمُ وَلَيْسَ بِهِ // عَظْمٌ تَثَّنَى بِلُطْفٍ مِثْلَ مَوْجَاتِ
خَفِيفُ ظِلٍّ لَهُ فِيْ الحُسْنِ مَنْزِلَةٌ // لَمْ تَحْظَ يَوْمًا بِهَا أَحْلَى الجَمِيلَاتِ
رَشَفْتُ مِنْ خَمْرَةِ الأَلْفَاظِ مِنْ فَمِهِ // مَا لَمْ يَدُرْ مِثْلُهَا فِيْ بَالِ كَاسَاتِ
وَقُلْتُ مِثْلُكِ لَمْ أُبْصِرْ مَدَى عُمُرِيْ // وَلَا أَظُنُّ أَرَى فِيْ المُقْبِلِ الآتي
وَرُحْتُ أَسْحَبُ أَنْفَاسًا مُبَعْثَرَةً // كَمُهْجَتِيْ وَأُوَارِيْ نَارَ أَنَّاتي
لَيْتَ الجَمِيلَةَ تَدْرِيْ مُنْذُ رُؤْيَتِهَا // لَا زِلْتُ أَسْأَلُ مَنْ أَلْقَاهُ عَنْ ذَاتي
إِنِّيْ نَذَرْتُ لِكَحْلَاءِ الجُفُونِ دَمِيْ // فَإِنْ قُتِلْتُ بِهَا بُلِّغْتُ حَاجَاتي
لَئِنْ هَلَكْتُ عَلَى دَرْبِ الهَوَى فَأَرَى // أَنَّ الهَلَاكَ بِهَذِيْ الدَّرْبِ مَنْجَاتي
رُوحِيْ الفِدَاءُ لِمَحْبُوبٍ أَذُوبُ بِهِ // وَمَا أَرَاهُ دَرَى عَنْ عُمْقِ مَأْسَاتي
مُرُّوا عَلَيْهَا وَقُولُوا مَا بِهِ رَمَقٌ // رُدِّيْ لَهُ لَوْ قَلَيلًا مِنْ تَحِيَّاتِ
لَعَلَّ ذَلِكَ يَشْفِينِيْ فَلَسْتُ أَرَى // سِوَاهُ شَيْئًا بِهِ تُرْجَى مُشَافَاتي


.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق